حدّث إبن البيغا قال: إنّ المرء ليعيش أحيانا من المشاهد التي تتشكّل بصفة عفويّة في حياته اليوميّة ما قد يغنيه عن عشرات الدروس النظريّة في فهم دواليب هذه الدنيا وحقائقها الخفيّة. قيل وكيف ذلك؟ فقال أسمعني ووسّع بالك: كان أخوكم إبن البيغا متعدّي من قدّام أحد مساجد العاصمة التونسيّة، وكان الوقت وقت صلاة، والعباد في القايلة خارجة من الجامع أفرادا ومجموعات، اللهم صلّي عالنبي، ما تسمع كان "السلام عليكم"، "جزاكم الله كلّ خير"، "ها وخي عندكشي ثلاثين دينار نشري بيهم ربع خبزة على رحمة الوالدين راني جيعان" وغير ذلك من مكارم الأخلاق وجميل العبارات.. وكان فمّا قدّام الجامع زوز شبّان منهم واحد في العشرينات، فارش تحت الحيط إلّي بجنب باب الجامع "باش" بلاستيك ويبيع عليه في بعض روائع الكتب الصفراء التي يفترض أن تكون كتبا دينيّة إلى جانب بعض كتب الطب البديل والشغوذة والتدجيل إلّي تداوي السيدا والسرطان بزيت الخروع والكليل. وكان صاحب هذه المكتبة المتنقّلة والحق يقال عامل لنفسه قاوق من حيث الهندام يتلاءم مع نشاطه التجاري، بحيث كان يتوفّر على كلّ أكسسوارات التقوى موديل صيف 2011، من عرّاقيّة ولحية، وقميص معتّر تحته سروال معتّر تحته سبادري يحمل علامة أمريكيّة إمبرياليّة لعينة. ولكن والحقّ يقال وبحكم خلطتي في الكوازي فإنّي عرفت من وجه الأخ ومن أوّل نظرة أنّه حاشاكم سلعة زبالة، وأن غزرة عينيه هي متاع فصالة، من أولئك الذين إقتحموا حديثا ميدان التوبة والتقوى والإيمان، ولئن كان لا يعلم ما في الصّدور إلاّ العزيز الرحمان.
أما الشاب الثاني فكان وليّد صغير متاع 13 ولا 14 سنة، يقشّر في هندي تالة ويبيع فيه بالحارة للوكّالة، عريان ما عدى من سروال هو أقرب للخرقة، لا تعرفه أزرﭪ "دوريجين" ولا مصهود بشمس القايلة الزرقاء، وكان باين من عينيه أنّه على صغر سنّه مسمام شرّاني، ما خلّى شي على صديقه "المكتباجي" صاحب اللوك الأفغاني. الطفل هذا كان يخدم على برويطة من هاك النوع إلي تسبّب إلى حدّ الآن في سقوط ثلاثة أنظمة عربيّة، في إنتظار الساعة السعيدة إلّي يسقطوا فيها البقيّة، يقول القايل الزوز مواطنين وباعة متجوّلين، زواولة ياكلوا في خبزتهم بالحلال وربّي يعينهم ويعيننا أجمعين.
المشكل أنّ النهج كان ضيّق شأنه شأن التروتوار، وزادت على ما بيه الكراهب الواقفة على اليمين وعلى اليسار، وما كان فمّا بين السيّارات إلاّ مكان واحد بجنب باب الجامع نصب فيه صديقنا الأوّل مكتبته المتنقّلة، في حين الطفل متاع الهندي ما لقى حتى بلاصة وين يحطّ هاك البرويطة المثقّلة، ياخي جابها لهاك الموقع الإستراتيجي بجنب الباب، يعني بالضبط قدّام "الباش/المكتبة" متاع سي الشباب، ممّا حجب هاك الكنوز المعرفيّة والأدبيّة والفقهيّة عن عموم المارّة، وكاد يؤدّي بالحكاية إلى نهاية غير سارّة.
من غير ما نطوّل عليكم خونا "المكتباجي" طبعا ما ساعدتّوش الحالة، ولسرعان ما إنهارت علامات التقوى بعد أن غلب عليه طبع الخَليقة القديم والفصالة (وما بالطبع لا يتغيّر)، فما كان منه إلاّ أن قام شرى عركة لهاك الغشّير، وطلب منه باش يهزّ البرويطة لبلاصة أخرى ويطير، لكن الطفل كيما سبق وقلتلكم كان فرخ شرّاني قبيح ومسمام، لا خاف من اللحية ولا من القميص ولا قدّر مظاهر الإلتزام، ولا كان مستعدّ باش يتنازل عن الموقع الإستراتيجي لا لبيّاع الكتب ولا حتى لصاحب جائزة نوبل للأدب، خاصّة وهو صاحب البرويطة العجيبة المضادّة للديكتاتوريّة رمز الكرامة والثورة الشبابيّة، فهل كان ليخضع لمثل تلك الغورة على محلّه التّجاري على منهج ومنوال الطرابلسيّة؟
الحاصل الحكاية شويّة لا تطوّرت لعركة حقيقيّة، خاصّة في ظل ثبات الصبيّ على مواقفه المبدئيّة، وهو ما إستدعى تدخّل بعض المصلّين بالحسنى لحماية الغشّير بائع هندي تالة، من طريحة كان لن يفلت منها لا محالة. وقد كان عند صاحبنا المكتباجي الأحمق، من الرقعة وصحّة العين الشيء الكثير في تبرير تسوفيجه الأخرق، بما أنّه إدّعى وحسب منطق عجيب أنّه أحقّ منه بهاك البلاصة بما أنّه يبيع في كتب الدّين، خاصّة وأن المكان هو الرصيف متاع بيت رب العالمين، وآش جاب تجارة الكتب (ولو كانت صفراء) إلّي تبيّن للمؤمنين الحرام والحلال، لتجارة ذلك الصبيّ بائع الغلال، والتي تبقى من الأمور الدنيويّة الحقيرة مقارنة بتجارة صديقنا صاحب المكتبة الهُمام، الذي يكون والحال تلك أجدر من زميله الصغير بإستغلال ذلك الجزء من الطريق العام، وإختيار موقعه الإستراتيجي في وسط ذلك الزحام.
قال أحدهم: والله يا إبن البيغا لقد سمعنا حكايتك الطويلة، فلا وجدنا فيها حكمة ولا حتى ضحكة بديلة، فهل هي حكاية حولة أم أنّها مزحة ثقيلة؟ فقال: اسكت يا إبن العميلة، إنّما ذلك هو عقلك عشّشت فيه الرتّيلة.. هلاّ نظرت إلى الساحة السياسيّة وقلت لي ماذا تفعل الأحزاب الدينيّة عندما تستعمل الدّين في تحقيق أغراض دنيويّة، وقلّي شنوّة الفرق بين إلّي يستعمل كلام ربّي باش يفكّ بلاصة للنصبة متاعو على حرف الكيّاس وبين إلّي يستعملو للدّعاية الحزبيّة باش يفكّ بعض المواقع القياديّة والمقاعد البرلمانيّة؟ فقال أحدهم: والله إنّ ذلك لعَيْن الصواب، وإنّ صمود بائع الهندي لمثال يحتذى به لكلّ الشباب، فقال إبن البيغا: فليكن موعدنا يوم السبت القادم مع المغرب، وتذكّروا أنّ هذه بلادكم وأنّ لكلّ واحد منكم فيها حصّة ونصيب ومأرب، وأنّه لا عاد تنفعكم لا الحرقة للطليان ولا الهجرة ليثرب، وليكن شعار صمودكم أمام غدر الزّمان وضيق الآفاق وكثرة النفاق ما ردّده ذلك البطل الصبيّ الأزرﭪ المسمام: ﭬرﭬب، ﭬرﭬب، ﭬرﭬـب
أما الشاب الثاني فكان وليّد صغير متاع 13 ولا 14 سنة، يقشّر في هندي تالة ويبيع فيه بالحارة للوكّالة، عريان ما عدى من سروال هو أقرب للخرقة، لا تعرفه أزرﭪ "دوريجين" ولا مصهود بشمس القايلة الزرقاء، وكان باين من عينيه أنّه على صغر سنّه مسمام شرّاني، ما خلّى شي على صديقه "المكتباجي" صاحب اللوك الأفغاني. الطفل هذا كان يخدم على برويطة من هاك النوع إلي تسبّب إلى حدّ الآن في سقوط ثلاثة أنظمة عربيّة، في إنتظار الساعة السعيدة إلّي يسقطوا فيها البقيّة، يقول القايل الزوز مواطنين وباعة متجوّلين، زواولة ياكلوا في خبزتهم بالحلال وربّي يعينهم ويعيننا أجمعين.
المشكل أنّ النهج كان ضيّق شأنه شأن التروتوار، وزادت على ما بيه الكراهب الواقفة على اليمين وعلى اليسار، وما كان فمّا بين السيّارات إلاّ مكان واحد بجنب باب الجامع نصب فيه صديقنا الأوّل مكتبته المتنقّلة، في حين الطفل متاع الهندي ما لقى حتى بلاصة وين يحطّ هاك البرويطة المثقّلة، ياخي جابها لهاك الموقع الإستراتيجي بجنب الباب، يعني بالضبط قدّام "الباش/المكتبة" متاع سي الشباب، ممّا حجب هاك الكنوز المعرفيّة والأدبيّة والفقهيّة عن عموم المارّة، وكاد يؤدّي بالحكاية إلى نهاية غير سارّة.
من غير ما نطوّل عليكم خونا "المكتباجي" طبعا ما ساعدتّوش الحالة، ولسرعان ما إنهارت علامات التقوى بعد أن غلب عليه طبع الخَليقة القديم والفصالة (وما بالطبع لا يتغيّر)، فما كان منه إلاّ أن قام شرى عركة لهاك الغشّير، وطلب منه باش يهزّ البرويطة لبلاصة أخرى ويطير، لكن الطفل كيما سبق وقلتلكم كان فرخ شرّاني قبيح ومسمام، لا خاف من اللحية ولا من القميص ولا قدّر مظاهر الإلتزام، ولا كان مستعدّ باش يتنازل عن الموقع الإستراتيجي لا لبيّاع الكتب ولا حتى لصاحب جائزة نوبل للأدب، خاصّة وهو صاحب البرويطة العجيبة المضادّة للديكتاتوريّة رمز الكرامة والثورة الشبابيّة، فهل كان ليخضع لمثل تلك الغورة على محلّه التّجاري على منهج ومنوال الطرابلسيّة؟
الحاصل الحكاية شويّة لا تطوّرت لعركة حقيقيّة، خاصّة في ظل ثبات الصبيّ على مواقفه المبدئيّة، وهو ما إستدعى تدخّل بعض المصلّين بالحسنى لحماية الغشّير بائع هندي تالة، من طريحة كان لن يفلت منها لا محالة. وقد كان عند صاحبنا المكتباجي الأحمق، من الرقعة وصحّة العين الشيء الكثير في تبرير تسوفيجه الأخرق، بما أنّه إدّعى وحسب منطق عجيب أنّه أحقّ منه بهاك البلاصة بما أنّه يبيع في كتب الدّين، خاصّة وأن المكان هو الرصيف متاع بيت رب العالمين، وآش جاب تجارة الكتب (ولو كانت صفراء) إلّي تبيّن للمؤمنين الحرام والحلال، لتجارة ذلك الصبيّ بائع الغلال، والتي تبقى من الأمور الدنيويّة الحقيرة مقارنة بتجارة صديقنا صاحب المكتبة الهُمام، الذي يكون والحال تلك أجدر من زميله الصغير بإستغلال ذلك الجزء من الطريق العام، وإختيار موقعه الإستراتيجي في وسط ذلك الزحام.
قال أحدهم: والله يا إبن البيغا لقد سمعنا حكايتك الطويلة، فلا وجدنا فيها حكمة ولا حتى ضحكة بديلة، فهل هي حكاية حولة أم أنّها مزحة ثقيلة؟ فقال: اسكت يا إبن العميلة، إنّما ذلك هو عقلك عشّشت فيه الرتّيلة.. هلاّ نظرت إلى الساحة السياسيّة وقلت لي ماذا تفعل الأحزاب الدينيّة عندما تستعمل الدّين في تحقيق أغراض دنيويّة، وقلّي شنوّة الفرق بين إلّي يستعمل كلام ربّي باش يفكّ بلاصة للنصبة متاعو على حرف الكيّاس وبين إلّي يستعملو للدّعاية الحزبيّة باش يفكّ بعض المواقع القياديّة والمقاعد البرلمانيّة؟ فقال أحدهم: والله إنّ ذلك لعَيْن الصواب، وإنّ صمود بائع الهندي لمثال يحتذى به لكلّ الشباب، فقال إبن البيغا: فليكن موعدنا يوم السبت القادم مع المغرب، وتذكّروا أنّ هذه بلادكم وأنّ لكلّ واحد منكم فيها حصّة ونصيب ومأرب، وأنّه لا عاد تنفعكم لا الحرقة للطليان ولا الهجرة ليثرب، وليكن شعار صمودكم أمام غدر الزّمان وضيق الآفاق وكثرة النفاق ما ردّده ذلك البطل الصبيّ الأزرﭪ المسمام: ﭬرﭬب، ﭬرﭬب، ﭬرﭬـب